المستشار وليد عز الدين يكتب عن الاستحواذ على الشركات في القانون المصري

المستشار وليد عز الدين يكتب عن الاستحواذ على الشركات في القانون المصري

 

أصبح الاستحواذ على الشركات من أبرز آليات إعادة الهيكلة في الأسواق العالمية، إذ يُستخدم كوسيلة للتوسع والنمو أو للسيطرة على منافسين استراتيجيين. وفي مصر، ومع تطور سوق الأوراق المالية وتزايد حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية، برزت الحاجة إلى تنظيم قانوني دقيق يوازن بين مصالح المستثمرين من جهة وحماية صغار المساهمين من جهة أخرى، مع ضمان الشفافية وتكافؤ الفرص.

أولًا: التعريفات القانونية ذات الصلة بالاستحواذ

وضعت اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 (المواد من 325 إلى 358) عددًا من المصطلحات الأساسية لتطبيق أحكام الاستحواذ، أبرزها:
1. الأشخاص المرتبطة (المادة 326):
• الأشخاص الذين يسيطرون على الشركة أو تسيطر عليهم.
• الزوج/الزوجة والأبناء القصر.
• الشركات التابعة أو الشقيقة أو التي يسيطر عليها ذات الشخص.
➝ الهدف: منع التحايل على القواعد من خلال تقسيم الملكية بين أطراف مقربين.
2. السيطرة الفعلية (المادة 327):
تعني القدرة على التأثير المباشر أو غير المباشر على قرارات إدارة الشركة أو سياستها، سواء من خلال ملكية نسبة مؤثرة من الأسهم أو عبر اتفاقيات أو ترتيبات خاصة.
➝ الهدف: إدراك أن السيطرة لا تقتصر على الملكية الشكلية، وإنما تمتد إلى النفوذ الفعلي في اتخاذ القرار.
3. الاستحواذ (المادة 328):
هو شراء شخص أو مجموعة أشخاص مرتبطة لنسبة من أسهم أو حقوق تصويت شركة مقيدة بالبورصة، تؤدي إلى السيطرة أو زيادتها.

ثانيًا: تمييز الاستحواذ عن الاندماج
• الاندماج: اتحاد شركتين أو أكثر لتكوين كيان جديد أو ذوبان شركة في أخرى قائمة، مما يؤدي إلى زوال الشخصية الاعتبارية للشركة المندمجة.
• الاستحواذ: شراء شركة أو مستثمر لنسبة حاكمة من أسهم أو حقوق تصويت شركة قائمة، تمنحه السيطرة على قراراتها، مع بقاء الشركة المستحوذ عليها محتفظة بشخصيتها الاعتبارية.

ثالثًا:  لإطار القانوني المنظم للاستحواذ في مصر

ينظم الاستحواذ في مصر من خلال:
1. قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992.
2. اللائحة التنفيذية (المواد 325 – 358).
3. قرارات الهيئة العامة للرقابة المالية المنظمة لعروض الشراء الإجباري والاختياري.

المادة (353): حالات الالتزام بعرض الشراء الإجباري
• كل من استحوذ أو يرغب في الاستحواذ – بمفرده أو من خلال الأشخاص المرتبطة – على ثلث رأس المال أو ثلث حقوق التصويت، يلتزم بإخطار الهيئة وتقديم مشروع عرض لشراء جميع الأوراق المالية خلال 30 يومًا.
• يسري الالتزام أيضًا عند زيادة الملكية بنسبة تتجاوز 2% خلال 12 شهرًا إذا كان المساهم يمتلك ما بين الثلث والنصف أو بين النصف والثلاثة أرباع.

المادة (354): شروط صحة عرض الشراء الإجباري
• لا يقل سعر العرض عن أعلى سعر دفعه مقدم العرض أو أحد الأشخاص المرتبطة خلال الـ 12 شهرًا السابقة.
• يجب أن يكون العرض باتًا غير معلق على شرط، إلا في حالة الاندماج (الشرط 75% من رأس المال) أو في غيرها (الشرط 51%).

رابعًا: إجراءات عروض الشراء الإجباري

1. إخطار الهيئة العامة للرقابة المالية فور تجاوز النسب.
2. تقديم مشروع عرض شراء شامل لجميع المساهمين.
3. إعداد تقييم عادل للأسهم بواسطة مستشار مالي مستقل معتمد من الهيئة.
4. نشر العرض والإفصاح عنه في السوق المالي.
5. تنفيذ العرض خلال المدة التي تحددها الهيئة.

خامسًا: حماية المساهمين الأقلية

• إلزامية شمول العرض لجميع المساهمين.
• ضمان السعر العادل وفق المادة (354).
• منع الاستحواذ التدريجي غير المعلن (Creeping Acquisition).
• تمكين الأقلية من الخروج من الشركة دون الإضرار بمصالحهم أو مراكزهم القانونية.

سادسًا: مقارنة مع النظم القانونية الأخرى

• فرنسا: يلتزم المستثمر بتقديم عرض شراء عند تجاوز 30% من الأسهم أو حقوق التصويت.
• إنجلترا: تحكمها UK Takeover Code الصادر عن هيئة الاندماجات والاستحواذات (Panel on Takeovers and Mergers)، حيث يشترط العرض عند بلوغ 30%، مع قواعد دقيقة لضمان المساواة بين المساهمين.
• الولايات المتحدة: لا تفرض عروض شراء إلزامية شاملة، بل تركز على قوانين مكافحة الاحتكار (Antitrust Laws) التي تطبقها وزارة العدل (DOJ) ولجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، إضافة إلى رقابة هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC).

سابعًا: التطبيقات العملية والأحكام القضائية

شهدت السوق المصرية عدة حالات تدخلت فيها الهيئة العامة للرقابة المالية لإلزام مستثمرين بتقديم عروض شراء إجبارية، حمايةً لحقوق الأقلية.
وقد أكّدت (المحكمة الإدارية العليا) هذا التوجه في أحكامه، معتبرًا أن قواعد عروض الشراء الإجباري من النظام العام الاقتصادي، وأن مخالفتها تمثل إخلالًا بمبدأ تكافؤ الفرص بين المساهمين وإضرارًا بالمراكز القانونية للمستثمرين الأقلية.

خاتمة وتوصيات

يتضح أن المشرع المصري سعى لتحقيق توازن دقيق بين تشجيع الاستثمار وحماية المساهمين الأقلية من خلال إطار قانوني متكامل. ومع ذلك، تظل الحاجة قائمة لتعزيز بعض الآليات.

التوصيات:
1. تعزيز الرقابة على تقييم أسعار الأسهم لضمان عدالة التعويض المقدم للأقلية.
2. تطوير آليات الإفصاح والشفافية بما يتيح للمساهمين والمستثمرين الحصول على المعلومات الكاملة قبل اتخاذ قراراتهم.
3. تشديد العقوبات على التحايل على القواعد من خلال تقسيم الملكية بين أطراف مرتبطة.
4. مراعاة التوازن بين جذب الاستثمار الأجنبي وحماية الاقتصاد الوطني من الاستحواذات التي قد تهدد الأمن الاقتصادي ‎<This message was edited>

استحواذ الشركاتالمستشار وليد عز الدين يكتب عن الاستحواذ على الشركات في القانون المصريوليد عز الدين
Comments (0)
Add Comment