المستشار وليد عز الدين يكتب عن اندماج الشركات وانقسامها في القانون المصري بين التنمية والسيطرة

كلام في الإقتصاد

المستشار وليد عز الدين يكتب عن اندماج الشركات وانقسامها في القانون المصري  بين التنمية والسيطرة

 

مقدمة
في زمن لم يعد يعرف الثبات، لم تعد الشركات كيانات جامدة، بل صارت كائنات اقتصادية حية تبحث عن البقاء والنمو. ومن هنا يطل علينا موضوع اندماج الشركات وانقسامها باعتباره واحدًا من أخطر القرارات الاستراتيجية التي يمكن أن تعيد رسم خريطة السوق.

هذه العمليات قد تكون رافعة للتنمية إذا أُحسن استخدامها، فتخلق كيانات اقتصادية عملاقة قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا. لكنها – في المقابل – قد تتحول إلى ثغرة للسيطرة والنفوذ، إذا استُغلت لإقصاء المساهمين الأقلية أو للتخلص من التزامات مالية وعمالية.

وهنا يطرح السؤال نفسه: هل أحكام القانون المصري الحالية كافية لحماية جميع الأطراف؟ أم أن الأمر يحتاج إلى إصلاح تشريعي عاجل؟

النصوص القانونية: إطار يحتاج إلى إصلاح
القانون رقم 159 لسنة 1981 نظم الاندماج في المواد (131–135)، وأحال الانقسام إلى اللائحة التنفيذية دون تخصيص فصل واضح.

هذا التنظيم القانوني، رغم وضوح إجراءاته، يبدو أقرب إلى الشكلية منه إلى الحماية الحقيقية: لا توجد ضمانات كافية للمساهمين الأقلية، ولم يفرض القانون التزامات جوهرية لحماية حقوق العمال، بينما تقييم الأصول ظل بلا معايير صارمة أو آليات رقابية مستقلة.

اندماج بالقانون… وانقسام بالواقع
الاندماج: قد يتم بالضم، حيث تذوب شركة في أخرى، أو بالمزج، حيث تنشأ شركة جديدة كليًا.
الانقسام: قد يكون كليًا بانقضاء الشركة وتوزيع أنشطتها، أو جزئيًا بفصل نشاط محدد مع بقاء الشركة الأصلية.

محكمة النقض قررت أن الاندماج يؤدي إلى انقضاء الشركة المندمجة وانتقال حقوقها والتزاماتها للشركة الدامجة بقوة القانون (طعن رقم 1037 لسنة 61 ق).

لكن في التطبيق العملي، كثيرًا ما يتحول الاندماج والانقسام إلى أداة لإعادة توزيع السلطة بين كبار المساهمين، لا لتحقيق مصلحة اقتصادية عامة.

ثغرات وتحديات
1. تقييم الأصول: غياب الشفافية يفتح الباب للتلاعب.
2. حقوق الأقلية: بلا حق انسحاب أو تعويض عادل.
3. العمال: مجرد انتقال عقود، دون ضمانة ضد التسريح أو فقدان المزايا.

الرأي القانوني
“المشرع المصري تعامل مع الاندماج والانقسام كإجراءات إدارية لا كقرارات مصيرية. ولذا أرى أن الإصلاح التشريعي ضرورة، لضمان العدالة بين جميع الأطراف، ولتحويل هذه الأدوات إلى محرك للتنمية لا إلى وسيلة للاستغلال.” – المستشار وليد عز الدين

– يجب منح الأقلية حق الاعتراض أو الانسحاب مع تعويض عادل.
– يجب إلزام الشركات بخطة واضحة لحماية العمال.
– يجب أن يخضع تقييم الأصول لرقابة قضائية أو هيئة مستقلة.

دروس من الخارج
– في فرنسا: استشارة العمال إلزامية قبل أي اندماج.
– في ألمانيا: الأقلية يملكون حق الانسحاب إذا تضررت مصالحهم.
– في مصر: ما زال المساهم الصغير والعامل الحلقة الأضعف.

الطريق إلى الإصلاح التشريعي
إذا أرادت مصر تحويل الاندماج والانقسام إلى أداة للتنمية، فلابد من:
1. إصدار فصل تشريعي مستقل لانقسام الشركات.
2. إنشاء هيئة مستقلة لتقييم الأصول تحت إشراف قضائي.
3. إلزام الشركات بخطط حماية للعمال.
4. تقرير حق الأقلية في الانسحاب أو التعويض العادل.
5. توسيع صلاحيات هيئة الاستثمار والرقابة المالية لضمان النزاهة.

خاتمة
الاندماج والانقسام قد يكونان قوة دفع اقتصادية أو ثغرة قانونية للسيطرة. والفرق تصنعه التشريعات والرقابة.

“إن إصلاح أحكام الاندماج والانقسام لم يعد رفاهية تشريعية، بل أصبح ضرورة لحماية المساهمين والعمال، وصيانة استقرار السوق، وتعزيز ثقة المستثمرين.” – ا

المستشار وليد عز الدينالمستشار وليد عز الدين يكتب عن اندماج الشركات وانقسامها في القانون المصري بين التنمية والسيطرةوليد عز الدين
Comments (0)
Add Comment